16 Jun
16Jun

الثلاثاء 2016/03/01



هناك شعور‭ ‬عام‭ ‬(مبرر‭ ‬فيما‭ ‬أرى)‭ ‬يشاكس‭ ‬كتابات‭ ‬العظمة‭ ‬يأخذ‭ ‬عليه‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الراهن‭ ‬السياسي،‭ ‬يعززه‭ ‬تأكيده‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مكان،‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬سياسياً،‭ ‬ويخفف‭ ‬من‭ ‬وطأته‭ ‬الالتقاطات‭ ‬السياسية‭ ‬الذكية‭ ‬والدقيقة‭ ‬والراهنة‭ ‬التي‭ ‬يضمّنها‭ ‬كتاباته‭.‬عطفاً‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الوجبة‭ ‬الغنية‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬التي‭ ‬تنشرها‭ ‬“مجلة‭ ‬الجديد”‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬“تحرير‭ ‬العقل”‭ ‬يضطر‭ ‬القارئ‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬بضع‭ ‬ملاحظات‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحوار‭ ‬النقدي،‭ ‬وتحتفظ‭ ‬للعظمة‭ ‬بمكانته‭ ‬ومنهجيته‭ ‬ووجاهة‭ ‬آرائه،‭ ‬لتكون‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬تعليق‭ ‬سجالي‭ ‬حميد‭ ‬يبغي‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬المزيد‭.‬

بداية‭ ‬هل‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬القارئ‭ ‬السوري‭ ‬خاصة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬بسهولة‭ ‬تناسي‭ ‬قول‭ ‬العظمة‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬ياسين‭ ‬الحاج‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الأوان‭ ‬(52-‭ ‬مايو‭ ‬2007)‭ ‬“ما‭ ‬كنت‭ ‬حزينا‭ ‬لرؤية‭ ‬الحركة‭ ‬السياسية‭ ‬الإسلامية‭ ‬وهي‭ ‬تُعامل‭ ‬بشدة‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬النتيجة‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬وجهين. ‬فمن‭ ‬جانب‭ ‬قررت‭ ‬السلطة،‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭ ‬لأسباب‭ ‬لا‭ ‬أفهمها‭ ‬ولا‭ ‬يسعني‭ ‬التغاضي‭ ‬عنها،‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬القمع‭ ‬وتدمير‭ ‬العناصر‭ ‬الحاسمة‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬السياسي‭ ‬السوري،‭ ‬عناصر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تشكل‭ ‬موضوعياً‭ ‬تهديداً‭ ‬منهجياً‭ ‬للوضع‭ ‬القائم‭. ‬وقد‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬بوحشية‭ ‬ضاهت‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬توقعه‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الإسلامية‭: ‬همجية‭ ‬قضاء‭ ‬استثنائي،‭ ‬حولت‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬إمّعات‭ ‬مرتعدة،‭ ‬إلى‭ ‬أوغاد،‭ ‬إلى‭ ‬حمقى،‭ ‬إلى‭ ‬قطيع،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬غير‭ ‬سويّ‭ ‬ولا‭ ‬قانون‭ ‬له‭. ‬وتشي‭ ‬تلك‭ ‬العمليات‭ ‬الانتخابية‭ ‬التي‭ ‬تدعى‭ ‬بيعة‭ ‬باحتقار‭ ‬عميق‭ ‬للمواطنين‭ ‬وللسياسة‭. ‬أولئك‭ ‬المواطنون‭ ‬الذين‭ ‬يملأون‭ ‬أوراقاً‭ ‬انتخابية‭ ‬ويأخذون‭ ‬دبابيس‭ ‬(مشكوك‭ ‬بنظافتها)‭ ‬تزودهم‭ ‬الدولة‭ ‬بها‭ ‬لاستخراج‭ ‬دم‭ ‬من‭ ‬أصابعهم‭ ‬يبصمون‭ ‬به‭ ‬تلك‭ ‬الأوراق؛‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬البدائي‭ ‬من‭ ‬التضحية،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬مصادقة‭ ‬على‭ ‬كونهم‭ ‬أوغاداً‭ ‬أو‭ ‬خرافاً؛‭ ‬خياران‭ ‬أحلاهما‭ ‬مر”‭.‬

يشكل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬طيراً‭ ‬أسود‭ ‬تشوش‭ ‬أجنحته‭ ‬السوداء‭ ‬على‭ ‬أيّ‭ ‬سطور‭ ‬أخرى‭ ‬سيقولها‭ ‬العظمة‭ ‬لنا‭ ‬كشباب‭ ‬متابعين‭ ‬للشأن‭ ‬العام‭ ‬ومتوسّلين‭ ‬للمفكرين‭ ‬المحترمين‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬شأن”نا”‭ ‬العام‭.‬

لنرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الشيق‭ ‬هنا،‭ ‬والمختلف‭ ‬عن‭ ‬الحوارات‭ ‬الصحافية‭ ‬المقتضبة‭ ‬الأخرى،‭ ‬العظمة‭ ‬يحلل‭ ‬وبدقة‭ ‬الأوضاع‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬للأصولية‭ ‬وردود‭ ‬أفعال‭ ‬الأنظمة‭ ‬عليه‭ ‬واستخدام‭ ‬الأنظمة‭ ‬نفسها‭ ‬لهذه‭ ‬اللعبة‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬بالدقة‭ ‬والتحليل‭ ‬إلى‭ ‬الدبابيس‭ ‬(المشكوك‭ ‬بنظافتها)‭ ‬ليقر‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬حوّلتنا‭ ‬إلى‭ ‬مصادقين‭ ‬على‭ ‬كونناً‭ ‬أوغاداً‭ ‬أو‭ ‬خرافاً،‭ ‬وحتى‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬على‭ ‬أيّ‭ ‬حال‭ ‬مجرد‭ ‬تغير‭ ‬سياسي‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬مثل‭ ‬سوريا،‭ ‬يرى‭ ‬العظمة‭ ‬أو‭ ‬يقرر‭ ‬النظر‭ ‬فقط‭ ‬رغم‭ ‬إدلائه‭ ‬بالتغيّرات‭ ‬والأسباب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬لنشوء‭ ‬تنظيمات‭ ‬التوحش‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬متعلق‭ ‬بالأصولية‭ ‬دائماً‭ ‬وأن‭ ‬المشكلة‭ ‬مع‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬(الذين‭ ‬لا‭ ‬يفرّق‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬الجهاديين)‭ ‬رغم‭ ‬تكراره‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬بوجود‭ ‬ظواهر‭ ‬التوحش‭ ‬في‭ ‬أمكنة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬أيديولوجيا‭ ‬إسلامية‭ ‬يأخذ‭ ‬عليها‭ ‬أنها‭ ‬تقول‭ ‬بالاستعداد‭ ‬للقتل‭ ‬المرتبط‭ ‬بالتضحية‭ ‬والشهادة‭ ‬ويقارن‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬(شهادات)‭ ‬أخرى‭ ‬ليقول‭ ‬“فإنّ‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬فتاة‭ ‬نمور‭ ‬التاميل‭ ‬وسناء‭ ‬محيدلي‭ ‬كانت‭ ‬لهما‭ ‬أهداف‭ ‬محددة‭ ‬وعدو‭ ‬متعيّن،‭ ‬ولم‭ ‬تمارسا‭ ‬قتلاً‭ ‬عشوائياً‭ ‬وما‭ ‬قامتا‭ ‬بأعمال‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬أعمال‭ ‬محملة‭ ‬بكراهية‭ ‬نرجسية‭ ‬وحب‭ ‬مرضي‭ ‬للموت”‭.‬

إذن‭ ‬لنتمنّى‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬العسف‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قلنا‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬العظمة‭ ‬أن‭ ‬شهداء‭ ‬نمور‭ ‬التاميل‭ ‬والشهداء‭ ‬كسناء‭ ‬محيدلي‭ ‬في‭ ‬الجنة‭ ‬وشهداء‭ ‬الإسلاميين‭ ‬في‭ ‬النار‭.

‬ينطلق‭ ‬العظمة‭ ‬دون‭ ‬مواربة‭ ‬من‭ ‬تلة‭ ‬علمانية‭ ‬لا‭ ‬تخفي‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السهل‭ ‬السياسي‭ ‬المنبسط‭ ‬للفكر‭ ‬العربي،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يتهم‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬تعال‭ ‬وشعبوية،‭ ‬ليرى‭ ‬الموقف‭ ‬الحاد‭ ‬المبرر‭ ‬طبعاً‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تبغي‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬المسلمين‭ ‬كجيش‭ ‬مفترض‭ ‬جاهز‭ ‬ليتلقّفها‭ ‬وليحملها‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم،‭ ‬بنفس‭ ‬الحدّة‭ ‬والإصرار‭ ‬النظري‭ ‬على‭ ‬العلمانية‭ ‬الكاملة‭ ‬المطلقة‭ ‬قبل‭ ‬أيّ‭ ‬شيء،‭ ‬ويزدري‭ ‬خطاب‭ ‬بعض‭ ‬المثقفين‭ ‬الذين‭ ‬يرون‭ ‬وجوب‭ ‬استيعاب‭ ‬الإسلاميين‭ ‬في‭ ‬المضمار‭ ‬السياسي‭ ‬ليشبّهه‭ ‬بيوتوبيا‭ ‬تجد‭ ‬الآخرين‭ ‬ملائكة‭ ‬ولا‭ ‬تنتبه‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬العظم‭.‬

هذا‭ ‬الخط‭ ‬العام‭ ‬إذا‭ ‬أمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بذلك‭ ‬يأخذنا‭ ‬كمتلقّين‭ ‬نهمين‭ ‬لآراء‭ ‬العظمة‭ ‬إلى‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬التصنيم‭ ‬العلماني‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬ديناميات‭ ‬المجتمع،‭ ‬(دون‭ ‬أن‭ ‬نقع‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬توصيته‭ ‬في‭ ‬الخلط‭ ‬بين‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الحقيقي‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬العصبوي)،‭ ‬ولكنّني‭ ‬قادر‭ ‬براحة‭ ‬ضمير‭ ‬بعد‭ ‬قراءة‭ ‬تحليل‭ ‬العظمة‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للنظام‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬استبعاد‭ ‬الجانب‭ ‬التنظيمي‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الجهاديين‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬الدراسة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أقع‭ ‬في‭ ‬فخّ‭ ‬جوهرانية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬التاريخ‭.‬

يرى‭ ‬العظمة‭ ‬ومفكرون‭ ‬سوريون‭ ‬كبار‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬العلمانية‭ ‬الحقيقية‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬المواربة‭ ‬والاختفاء‭ ‬وراء‭ ‬الكلمات‭ ‬الباردة‭ ‬مثل‭ ‬مدنية‭ ‬وعقلانية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬حقّقته‭ ‬دول‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬منجزات‭ ‬التحديث،‭ ‬ونرى‭ ‬من‭ ‬موقعنا‭ ‬كطلبة‭ ‬متسائلين‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬أليس‭ ‬الأجدى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬البداية‭ ‬لأصوات‭ ‬مفكرين‭ ‬كبار‭ ‬ضد‭ ‬تحويلنا‭ ‬إلى‭ ‬أوغاد‭ ‬وخراف،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نذهب‭ ‬باتجاه‭ ‬العلمانية‭ ‬أو‭ ‬الأصولية‭ ‬أو‭ ‬الأناركية‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬أحد‭.‬

لا‭ ‬أنطلق،‭ ‬ولا‭ ‬ينطلق‭ ‬غيري‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعتقد،‭ ‬من‭ ‬مقولة‭ ‬الصفات‭ ‬النفسية‭ ‬والعامة‭ ‬القارة‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬ما،‭ ‬ولا‭ ‬بالتصنيفات‭ ‬المغلقة‭ ‬للشرق‭ ‬أو‭ ‬الغرب،‭ ‬وأسعى‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬التبسيط‭ ‬والطرق‭ ‬السهلة،‭ ‬ولكن‭ ‬ألا‭ ‬تبدأ‭ ‬القضية‭ ‬بأكملها‭ ‬من‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الحياة‭ ‬والكرامة‭ ‬أولاً‭ ‬(ولن‭ ‬أقول‭ ‬الحرية)‭.‬

يقول‭ ‬العظمة‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬الكبار‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬مالك‭ ‬في‭ ‬الخمر‭ ‬عن‭ ‬عسف‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية،‭ ‬ليعودوا‭ ‬إلى‭ ‬الأصولية‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استيعابه‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭.‬

“الدواعش‭ ‬آتون‭ ‬من‭ ‬اللامكان،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬الهوامش‭ ‬المضاعفة‭ ‬المتضافرة‭ ‬والمتشابكة‭ ‬مع‭ ‬‘مكان’‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬شبكات‭ ‬غير‭ ‬منظورة‭ ‬للبعث‭ ‬العراقي‭ ‬وأخري‭ ‬متبقيّة‭ ‬من‭ ‬أزمنة‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬العشائر‭ ‬المستعيدة‭ ‬الروح‭. ‬اللامكان‭ ‬بمعنى‭ ‬نبذ‭ ‬المنشأ‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الذات‭ ‬ثم‭ ‬اللامكان،‭ ‬أي‭ ‬المكان‭ ‬الخيالي‭ ‬والافتراضي‭ ‬(دابق،‭ ‬الشام،‭ ‬القسطنطينية،‭ ‬رومية‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬داعش)،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يضارع‭ ‬هذه‭ ‬الذات‭ ‬الجديدة‭. ‬واللامكان‭ ‬بمعنى‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬التاريخية‭ ‬والخروج‭ ‬عليها”‭.‬

مقاربة‭ ‬حقيقية‭ ‬تتوسل‭ ‬توصيف‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المرّيخية‭ ‬وإرجاعها‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬(اللامكان)‭ ‬الذي‭ ‬جاءت‭ ‬منه،‭ ‬دون‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬بل‭ ‬تتقدم‭ ‬بشجاعة‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬المآل‭ ‬الذي‭ ‬ستذهب‭ ‬إليه،‭ ‬ليقرر‭ ‬محقاً‭ ‬“إنّ‭ ‬داعش‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬كبير‭ ‬بيئة‭ ‬حاضنة”‭ ‬ثم‭ ‬بملاحظة‭ ‬تقترب‭ ‬خفراً‭ ‬من‭ ‬الإجحاف‭ ‬“بقدر‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬بيئة‭ ‬غير‭ ‬ممانعة‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬متواطئة”‭.‬

توضيح‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬العظمة‭ ‬بطريقة‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬فيها‭ ‬أحد،‭ ‬لا‭ ‬يعفي‭ ‬برأيه‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬المستقبلة‭ ‬للدواعش‭ ‬من‭ ‬الاتهام‭ ‬المبطّن‭ ‬في‭ ‬كلامه‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬غير‭ ‬ممانعة‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬متواطئة‭.‬

هل‭ ‬هناك‭ ‬محاباة‭ ‬للعامة،‭ ‬أو‭ ‬شعبوية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نوصف‭ ‬بها‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نتوافق‭ ‬مع‭ ‬اتهام‭ ‬صريح‭ ‬قد‭ ‬يتقاطع‭ ‬(في‭ ‬نظرنا‭ ‬على‭ ‬الأقل)‭ ‬مع‭ ‬نزعات‭ ‬ثقافوية‭ ‬متعالية‭ ‬نبوية‭ ‬علمانية‭ ‬تجاه‭ ‬بيئة‭ ‬عانت‭ ‬صدامياً‭ ‬وأسدياً‭ ‬ما‭ ‬عانت،‭ ‬لكي‭ ‬يسمّى‭ ‬استسلامها‭ ‬اليائس‭ ‬للقوة‭ ‬الآتية‭ ‬من‭ ‬(اللامكان)‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬“تربية‭ ‬التوحش”‭ ‬بالتواطؤ‭ ‬أو‭ ‬اللاممانعة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.

‬لنصل‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يقرّها‭ ‬العظمة‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تتلاقى‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬العرب‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتماهى‭ ‬معهم‭ ‬“لدينا‭ ‬هنا‭ ‬حقيقةٌ‭ ‬وهي‭ ‬أنّ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬ليست‭ ‬حقاً‭ ‬تعويذة‭ ‬تحتوي‭ ‬حلاً‭ ‬شاملاً‭ ‬لجميع‭ ‬المشاكل،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬بقاؤها‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬فقط”‭.‬

بالطبع‭ ‬ليست‭ ‬نبوءة‭ ‬سحرية‭ ‬ولا‭ ‬كلام‭ ‬جرايد،‭ ‬فالعظمة‭ ‬يدلل‭ ‬على‭ ‬الأسباب‭ ‬بدقة‭ ‬يحسد‭ ‬عليها،‭ ‬وببرود‭ ‬منهجي‭ ‬يحسد‭ ‬عليه‭ ‬أيضاً‭. ‬أدرك‭ ‬ويدرك‭ ‬الكثيرون‭ ‬بأن‭ ‬الديموقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬ليست‭ ‬التعويذة‭ ‬المبتغاة،‭ ‬ولا‭ ‬العصا‭ ‬السحرية‭ ‬بالطبع‭.‬

أما‭ ‬التأكيد‭ ‬الدقيق‭ ‬والهام‭ ‬الذي‭ ‬يطرحه‭ ‬العظمة‭ ‬يضع‭ ‬إصبعه‭ ‬بدقة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المشكلة‭ ‬“دعنا‭ ‬نؤكد‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحركات‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭ ‬مشاريع‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأرباب‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع″‭.

‬تأكيد‭ ‬يجعلنا‭ ‬دائماً،‭ ‬وقد‭ ‬نكون‭ ‬مخطئين،‭ ‬نخفف‭ ‬(معه)‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬العامل‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬المتوحشة،‭ ‬ونصرف‭ ‬نظرنا‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬عن‭ ‬البنى‭ ‬الفكرية‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تشكل‭ ‬مستقبلات‭ ‬جاهزة‭ ‬لمشاريع‭ ‬القتل‭ ‬المقدس‭ ‬باعتبارها‭ ‬عوامل‭ ‬ثانوية‭.

‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬العظمة‭ ‬ونحن‭ ‬معه‭ ‬بالاستسهال‭ ‬والتبسيط‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬“فشل‭ ‬التحديث‭ ‬والحداثة”‭ ‬ومسألة‭ ‬“عودة‭ ‬الدين”‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬النظر‭ ‬والتحري‭.‬ 

يسوق‭ ‬العظمة‭ ‬الأسباب‭ ‬التاريخية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ ‬لنشوء‭ ‬التوحش‭ ‬الملحمي‭ ‬هذا،‭ ‬وانتقال‭ ‬الهامش‭ ‬الأصولي‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬“الاقتصادات‭ ‬المافيوية‭ ‬والسياسات‭ ‬والاقتصادات‭ ‬السوداء‭ ‬والسياسات‭ ‬المفترسة‭ ‬للبنوك‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬وبعض‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الأموال‭ ‬الافتراضية‭ ‬التي‭ ‬يتمّ‭ ‬إنشاؤها‭ ‬وإعادة‭ ‬تدويرها‭ ‬تباعاً‭ ‬في‭ ‬ثوان‭ ‬معدودة،‭ ‬والسمات‭ ‬الأخرى‭ ‬للرأسمالية‭ ‬المتأخرة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬1989‭ ‬التي‭ ‬تحرّرت‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬النماذج‭ ‬الاشتراكية‭ ‬البديلة‭. ‬لدينا‭ ‬أيضاً‭ ‬تشظ‭ ‬داخلي‭ ‬اجتماعي-اقتصادي‭ ‬وفي‭ ‬مستويات‭ ‬أخرى،‭ ‬لجميع‭ ‬المجتمعات‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وبروز‭ ‬سمات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الأول،‭ ‬ولدينا‭ ‬كذلك‭ ‬سياسات‭ ‬الهوية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النزاعات‭ ‬الأهلية‭ ‬(العرقية‭ ‬والطائفية‭ ‬والدينية)‭ ‬التي‭ ‬تحلّ‭ ‬محلّ‭ ‬الأسس‭ ‬الأخرى‭ ‬لبناء‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية،‭ ‬وغالباً‭ ‬في‭ ‬تلازم‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬التشاركية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المحاصصة‭. ‬وينبغي‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬ألاّ‭ ‬تفوته‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬الدولة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬منذ‭ ‬1989‭: ‬أي‭ ‬النزعة‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬وظائفها‭ ‬التمدينية‭ ‬ووظائف‭ ‬الهيمنة،‭ ‬وخصخصتها‭ ‬لصالح‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬(كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مثل‭ ‬سوريا)”‭.‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نقوله‭ ‬بعد‭ ‬سوق‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تحلل‭ ‬بنية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭.

‬يقرر‭ ‬ويؤكد‭ ‬العظمة‭ ‬مجدداً،‭ ‬ونحن‭ ‬معه،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“لكل‭ ‬فاعليات‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬أسس‭ ‬اقتصاديّة‭ ‬واضحة‭ ‬وأساسية”‭. ‬ويضيف‭ ‬“إنّ‭ ‬هذه‭ ‬الآن‭ ‬تُمثّل‭ ‬ثوابت‭ ‬بنيوية‭ ‬لنظام‭ ‬عالميٍّ‭ ‬ناشئ،‭ ‬وتحتاج‭ ‬لأنْ‭ ‬تدرس‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصورة،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬انحرافات”‭.‬

وعن‭ ‬الشق‭ ‬الثقافي‭ ‬يلحظ‭ ‬ملاحظة‭ ‬هامة‭ ‬للغاية‭ ‬تقول‭ ‬بأنهم‭ ‬“يستندون‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬والتعبئة‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وهي‭ ‬تمثل‭ ‬تصوراً‭ ‬عن‭ ‬الذات‭ ‬باعتبارها‭ ‬متفرّدة‭ ‬ومتوحدة‭ ‬ومستوحشة،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬جمعي”‭.‬

يبذل‭ ‬التحليل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لهذه‭ ‬الظواهر‭ ‬الجهد‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬تفسيرها‭ ‬بشكل‭ ‬يجعلنا‭ ‬نميل‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬هذا‭ ‬التفسير‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬اجتراح‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬لمنهج‭ ‬سياسي‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬ومن‭ ‬توجّهات‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وترويجهم‭ ‬(بمساعدة‭ ‬جهات‭ ‬عالمية)‭ ‬إعلامياً‭ ‬لمفاهيم‭ ‬الصحوة‭ ‬والعودة‭ ‬وفشل‭ ‬الحداثة‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬تعثّر‭ ‬تجربتهم‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والميل‭ ‬إلى‭ ‬دنيوية‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬والتفريق‭ ‬المنهجي‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الجهاديين‭ ‬مع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بسعيها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬لفرض‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬الأحزاب‭ ‬الانقلابية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬والتي‭ ‬تحتفي‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬هدفاً‭ ‬أساسياً‭ ‬لفرض‭ ‬هذه‭ ‬الأيديولوجيا،‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬كلام‭ ‬العظمة‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬الأفكار‭ ‬الجهادية‭ ‬ومثيلاتها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬“وهذا‭ ‬ما‭ ‬يماثل‭ ‬الفرق‭ ‬الدينية‭ ‬المشاكلة‭ ‬للجهادية‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭: ‬لقد‭ ‬أقام‭ ‬تمرد‭ ‬تايبينغ‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬مثلاً‭ ‬(1850-1864)‭ ‬مملكة‭ ‬تايبينغ‭ ‬المسيحانيّة‭ ‬السماوية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬نانجينغ،‭ ‬حيث‭ ‬مورست‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬ودرجات‭ ‬العنف‭ ‬(وتم‭ ‬الردّ‭ ‬ذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أعدائهم‭ ‬الصينيين‭ ‬وكذلك‭ ‬الفرنسيين‭ ‬والبريطانيين،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬العين‭ ‬بالعين‭ ‬والسن‭ ‬بالسن)،‭ ‬مما‭ ‬خلّف‭ ‬عشرين‭ ‬مليون‭ ‬قتيل‭. ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬جيش‭ ‬الربّ‭ ‬في‭ ‬أوغاندا‭. ‬إنّ‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬التوحش‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬التنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للفرق‭ ‬الخلاصية‭ ‬هذه‭ ‬ولسيناريو‭ ‬الفتن‭ ‬والملاحم”‭.

‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يبرّئ‭ ‬حركة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬البعيدة‭ ‬ولكنه‭ ‬يحصرها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الأيديولوجيا‭ ‬التسويقية‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الجهادية‭ ‬والحركات‭ ‬الخلاصية‭ ‬الأخرى،‭ ‬إذا‭ ‬تقبل‭ ‬العظمة‭ ‬منا‭ ‬هذا‭ ‬التفريق‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬شكلياً‭ ‬بنظره‭. ‬ليلقي‭ ‬بظلال‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬البريء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬قطعي‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬“دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬التابعة‭ ‬للإخوان،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الإعلام،‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬صعود‭ ‬المزاج‭ ‬الذي‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬داعش”‭.

‬نرد‭ ‬عليه‭ ‬بكلام‭ ‬الرجل‭ ‬نفسه‭ ‬حول‭ ‬الإخوان‭ ‬والإسلاميين‭ ‬على‭ ‬العموم‭: ‬ليس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬تفرّد‭ ‬للإسلام‭: ‬إن‭ ‬قرآن‭ ‬العنف‭ ‬والحق‭ ‬والتقويم‭ ‬شأن‭ ‬قديم‭ ‬قِدَم‭ ‬الأديان‭ ‬التوحيدية،‭ ‬وفي‭ ‬رسائل‭ ‬وعِظات‭ ‬القدّيس‭ ‬أوغسطين‭ ‬بيانات‭ ‬بالغة‭ ‬الفصاحة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وحوله‭.‬

يبقى‭ ‬أن‭ ‬نشيد‭ ‬بالجهد‭ ‬النظري‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭ ‬العظمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬وأن‭ ‬ننتظر‭ ‬منه‭ ‬بعد‭ ‬تقسيمه‭ ‬أو‭ ‬فرزه‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الفكري‭ ‬السوري‭ ‬للمعارضة‭ ‬السورية‭ ‬بين‭ ‬شعبويين‭ ‬ومتعالين،‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬ملامح‭ ‬محددة‭ ‬لذلك‭ ‬الموقف‭ ‬الوسط‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬فيما‭ ‬بينهما،‭ ‬إذ‭ ‬يمكنني‭ ‬المجازفة‭ ‬بالقول‭ ‬بأنني‭ ‬لم‭ ‬أتبين‭ ‬ملامحه‭ ‬بعد‭.‬

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.