1 قراءة دقيقة
في اليوم الدولي لمكافحتها... 5 كتب أساسية عن الإسلاموفوبيا

عماد الأحمد  آخر تحديث

 يعرّف مرصد الإسلاموفوبيا التابع لمنظمة التعاون الإسلامي هذه الظاهرة بأنها "شعور بالخوف المفرط من الإسلام الذي يتحول إلى مواقف تنمّ عن عدم التسامح، فضلا عن أفعال مقصودة ترمي إلى التمييز ضد المسلمين وإهانة الرموز الإسلامية المقدسة، علاوة على اقتراف الجرائم العنيفة ضد الأشخاص الذين يرتدون الزي الإسلامي".الإسلاموفوبيا مصطلح فرنسي استعمله الرسام والمستشرق الفرنسي إتيان دينيه وسليمان بن إبراهيم للمرة الاولى عام 1925، أما بالإنكليزية فقد ظهر المصطلح في 1985في مقال لإدوارد سعيد ("إعادة النظر في الاستشراق").قررت الأمم المتحدة في 15 مارس/ آذار 2022 إعلان هذا اليوم يوما دوليا لمكافحة كراهية الإسلام. وعرّفت المنظمة كره الإسلام أو كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا) بأنه الخوف من المسلمين والتحيّز ضدهم والتحامل عليهم بما يؤدّي إلى الاستفزاز والعداء والتعصّب، بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب للمسلمين ولغير المسلمين، سواء في الواقع أو على الإنترنت. وتضمّن القرار قلقَ الأمم المتحدة تجاه زيادة التمييز والتعصب والعنف بشكل عام، ومن ضمنها الحالات التي تحدث بدافع كراهية الإسلام ومعاداة السامية وكراهية المسيحية والتحامل على أتباع الديانات والمعتقدات الأخرى.

يدرس الباحثان ذلك الانحراف المناهض للمسلمين على الساحة السياسية النمساوية، ويقدّمان تحليلا شاملا للسياسات واللوائح الحكومية

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الشكّ  والتمييز والكراهية الصريحة تجاه المسلمين قد وصلت إلى أبعاد وبائية، وأن هناك سياسات وممارسات تساهم في انتشار الافتراءات والعبارات المسيئة التي تصور المسلمين ومعتقداتهم بوصفها تهديدا.وأكّد الأمين العام خلال الاحتفال الأول باليوم الدولي لمكافحة الإسلاموفوبيا في 2021، أن التعصّب ضد المسلمين جزء من تيار أوسع لظهور القومية العرقية والنازية الجديدة، وأن القرآن الكريم يدعو إلى التعارف بين الشعوب والقبائل ويجد في التنوع ثراء وليس تهديدا. في ما يأتي 5 كتب من أهم وأحدث الكتب الصادرة بالإنكليزية التي عالجت مفهوم كراهية الإسلام.

"تسييس الإسلام في النمسا: تأثير اليمين المتطرف في القرن 21"

لطالما تمتّع المسلمون في النمسا بوضع جيد وبترحيب مقبول منذ بدايات القرن العشرين، ليتغيّر هذا الترحيب مع إعادة توجيه الخطاب العام على أيدي الأصوات الشعبوية اليمينية المتطرفة داخل الحكومة النمساوية. يشارك فريد حافظ الباحث النمساوي الذي طور مفهوم "شعبوية رهاب الإسلام"، في تحرير "التقرير الأوروبي السنوي عن الإسلاموفوبيا" مع رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة التركية الألمانية أنيس بَيْرَقلي. ويحرّر حافظ أيضا "الكتاب السنوي لدراسات الإسلاموفوبيا" بالألمانية والإنكليزية منذ عام 2010، أما الباحث النمساوي رينهارد هاينيش المشارك في تأليف الكتاب الصادر عن منشورات جامعة روتغرز، نيوجيرسي، 2024، فهو أستاذ العلوم السياسية المقارنة في جامعة سالزبورغ. يدرس الباحثان البارزان ذلك الانحراف المناهض للمسلمين على الساحة السياسية النمساوية، ويقدّمان تحليلا شاملا للسياسات واللوائح الحكومية، ويتعمّقان في الخطابات الحزبية والخطاب العام.    


ينقسم الكتاب ستة فصول، فيقدم الفصل الأول السياق العام للإسلام واليمين الراديكالي في الساحة السياسية النمساوية، ثم ينتقل في الفصل الثاني إلى تحليل الخطاب السائد حول الإسلام، ويخصّص الباحثان الفصل الثالث للحالة القانونية للإسلام في القوانين واللوائح والتشريعات في البلاد، أما الفصل الرابع فيبحث في رمزية الحجاب والحرب الثقافية في النمسا، لينتقل في الفصل الخامس إلى الدولة الأمنية، أو الدولة التي تُعلي الخيارات الأمنية على جميع الخيارات الأخرى في التعامل مع المجتمعات الإسلامية في النمسا، وفي الفصل الأخير يجمع الباحثان وجهات نظر وآراء مختلفة للمُصوِّتين النمساويين في الانتخابات تجاه المسلمين. يشرح الكاتبان عملية تكييف الخطاب المناهض للمسلمين لدى حزب الحرية النمساوي (FPOE) اليميني المتطرف مع الأهداف السياسية للحزب، ثم تبنّي هذا الخطاب نفسه من قبل حزب الشعب النمساوي (OEVP) المحافظ الذي ينتمي إلى يمين الوسط (OEVP). لقد مهّدتْ عملية إعادة تشكيل المشهد السياسي هذه الطريق لتشكيل حكومة ائتلافية يمينية بين المحافظين والجهات الفاعلة اليمينية المتطرفة، والذي أدّى لاحقا إلى مأسسة المزاعم السياسية المناهضة للمسلمين، وإلى تغيير شكل الظروف المدنية والتصورات العامة للإسلام والمجتمع المسلم في البلاد.

 تكشف المؤلفة النقاب عن تبريرات السردية الرسمية للحكومة الأميركية لإنشاء ذلك الجهاز الحكومي الضخم الذي يمارس عنف الدولة والذي تتجذّر الإسلاموفوبيا في أدبياته

"بريء حتى يثبت إسلامه: الإسلاموفوبيا"

تغطي الدكتورة مها هلال في كتابها "بريء حتى يثبت إسلامه: الإسلاموفوبيا، والحرب على الإرهاب، وتجربة المسلمين منذ 11 سبتمبر"، الصادر عن برودليف بوكس، مينيابوليس، 2022، عِقدَين من "الحرب على الإرهاب"، وتكشف النقاب عن تبريرات السردية الرسمية للحكومة الأميركية لإنشاء ذلك الجهاز الحكومي الضخم الذي يمارس عنف الدولة والذي تتجذّر الإسلاموفوبيا في أدبياته، وتبرّر أسوأ الانتهاكات التي ارتكبها في حق المسلمين. تدرس هلال أيضا مدى استفادة بعض الأطراف الأميركية المسلمة المتنفذة من الإسلاموفوبيا وإدامتها للمسؤولية الجماعية. عنونت هلال الجزء الأول بـ"سردية الحرب على الإرهاب" وقسمته ثلاثة فصول، يتحدث الأول عن أحداث 11سبتمبر وإنشاء سردية الحرب على الإرهاب، ويغطي الفصل الثاني عملية إنشاء ووضع المصطلحات البلاغية للحرب، وتنتقل في الثالث إلى استراتيجيا نزع الإنسانية عن المسلمين خلال فترة الحرب على الإرهاب. أما الجزء الثاني بعنوان "الإسلاموفوبيا المؤسسية: قوانين وسياسات ما بعد 11سبتمبر"، فينقسم خمسة فصول تدرس النزعة العسكرية والحرب وسردية شن الحرب للوصول إلى السلام، وسياسات الهجرة وفكرة الهجرة نفسها التي يتكون منها المجتمع الأميركي أصلا. وتحلّل هلال وتوثّق إجراءات الملاحقة والمراقبة التي كرستها الحرب، السياسات الفيديرالية في الولايات المتحدة. لتنتقل بعدها إلى الأساطير التي ردّدها كبار الساسة الأميركيين بدءا بأسطورة بوش الإبن الذي يقول: نحن لا نعذب الناس، لتفنّدها وتفنّد الأساطير الأميركية الأخرى التي ارتبطت بهذه الفترة العصيبة، لتصل في نهاية هذا الجزء إلى خليج غوانتانامو والسجن الشهير الذي مورست فيه السياسة العارية للحرب على الإرهاب. تضمن الجزء الثالث الذي درس استيعاب وتحدي وعيش الإسلاموفوبيا خلال فترة الحرب على الإرهاب، ثلاثة فصول تغطي فكرة القمع من الداخل التي مورست في المجتمعات المسلمة في الولايات المتحدة، وردود المنظمات الإسلامية الأميركية على ظاهرة الإسلاموفوبيا المؤسسية، لتجمع هلال في الفصل الأخير روايات المسلمين الأميركيين أنفسهم عما تعرضوا له بعد 11سبتمبر.

نتجت كراهية الإسلام في أميركا كما يراها لوف تاريخيا من العنصرية المقنّعة والعميقة الجذور في الثقافة والسياسات الأميركية

"الإسلاموفوبيا والعنصرية في أميركا"

يعنون الباحث الأميركي إريك لوف المتخصص في منظمات الدفاع عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الفصلين الأول والثاني من كتابه "الإسلاموفوبيا والعنصرية في أميركا الصادر عن نيويورك برس، نيويورك، 2017، بــ"المعضلة العرقية" ثم بــ"المفارقة العرقية"، ويرى لوف أن الباحثين نادرا ما ينظرون إلى الأميركيين من أصول شرق أوسطية بوصفهم مجموعة عرقية متميزة، مثل المجموعات العرقية الأميركية الخمس (الآسيويون، السود، اللاتينيون، الأميركيون الأصليون، والبيض). وقد أدّت هذه المفارقة إلى نشوء معضلة عرقية لدى المنظمات المناصرة، تتمثّل في عدم قدرتها على استعمال الخطاب العرقي وبناء تحالفات مبينة على هذا العرق، لأن إيديولوجيتها ترفض السياسات القائمة على اللون والعرق، لذلك يصعب عليها مواجهة الإسلاموفوبيا.   

نتجت كراهية الإسلام في أميركا كما يراها لوف في الفصل الثالث "الإسلاموفوبيا في أميركا" تاريخيا من العنصرية المقنّعة والعميقة الجذور في الثقافة والسياسات الأميركية. لذلك يرى لوف أن هذا هو المدخل المناسب لفهم التمييز والعنف اللذين يتعرض لهما الأميركيون من أصول شرق أوسطية، مسلمين وغير مسلمين. ويشرح لوف في الفصل الرابع، "مواجهة الإسلاموفوبيا"، سبب فشل حركة الدفاع عن هذه الفئة من الأميركيين في تحقيق أهدافها في نصف القرن الماضي. ويتوسّع في الفصل الخامس، "تحالف الحريات المدنية"، في الأسباب العميقة لعدم تحقيق النتائج لهذا النوع من الحركات، ويتوصّل بعد العديد من المقابلات الموسعة مع مناصري الحقوق المدنية إلى أن العنصرية الأميركية تنضوي ضمن إطار الديناميكيات الاجتماعية للبيض والسود، مما يفسح المجال للتغاضي عن التمييز والعنف ضد الأقليات الأخرى وخاصة الأميركيين من أصول شرق أوسطية. وفي الفصل الأخير، "نحو حقبة جديدة للحقوق المدنية"، يدعو لوف إلى استخدام استراتيجيا حقوق مدنية جديدة لتعزيز الإصلاحات الرامية إلى حماية هذا المجتمع المتضرر من العنصرية، بدلا من تعزيز الحريات المدنية العالمية في الولايات المتحدة عموما.

الإسلاموفوبيا التي اجتاحت أوروبا وأميركا ليست ظاهرة طبيعية، بل نتجت من الجهود الحثيثة لذلك الكادر اليميني من المفكّرين والمدوّنين والسياسيين والنقاد والزعماء الدينيين

"صناعة الإسلاموفوبيا: كيف شكّل اليمين مفهوم الخوف من المسلمين"

يحاول ناثان لين، الباحث في الأديان والمتخصص بالإسلام والمسيحية وبالتحيز ضد المسلمين، في كتابه هذا الصادر عن "بلوتو برس"، 2012،الإجابة عن السؤال "لماذا لا يزال الخوف وانعدام الثقة والكراهية تجاه المسلمين في أعلى المستويات بعد مرور عشر سنوات على هجمات 11سبتمبر؟". الإسلاموفوبيا التي اجتاحت أوروبا والولايات المتحدة ليست ظاهرة طبيعية، بل نتجت من خلال الجهود الحثيثة لذلك الكادر اليميني من المفكّرين والمدوّنين والسياسيين والنقاد والزعماء الدينيين، الذين عملوا خلف الكواليس لسنوات لإقناع الجميع بأن المسلمين هم العدو. ظهر العديد من المصطلحات الشائنة خلال تلك الفترة مثل "الجهاد الخفي"، و"زحف الشريعة"، و"الفاشية الإسلامية"، و"أطفال الإرهاب" والكثير من التسميات المخيفة مثل "الولايات المتحدة الإسلامية"، و"لندنستان"، مما نشر الخوف في نفوس الجميع. يتكون الكتاب من سبعة فصول يحمل الفصل الأول عنوان "الوحوش بيننا، تاريخ زراعة الخوف في أميركا"، ويتحدث لين فيه عن الخلفية التاريخية لخلق الوحوش في الولايات المتحدة منذ القرن الثامن عشر وفقا لديناميكات السلطة تجاه مجموعات مختلفة تندرج تحت فئة "غير المرغوب فيهم". الفصل الثاني بعنوان "شبكة الخداع: إثارة الكراهية عبر الإنترنت"، فالإنترنت بيئة خصبة لنشر التصورات والتمثيلات النمطية، ونشر الأفكار المعادية للمسلمين. يحدّد الكاتب في الفصل الثالث، "فوضى وسائل الإعلام: بثُّ جنون معاداة المسلمين"، دورَ الإعلام بوصفه أداة طيّعة لنشر كراهية الإسلام، ويشير بإصبع الاتهام إلى العديد من القنوات الإعلامية المختلفة، باعتبارها تحمل المسؤولية الكبرى في هذه العمليات. ينتقل الكتاب في الفصول اللاحقة إلى العلاقة بين اليمين الأميركي والجماعات المسيحية وتغذية صناعة الإسلاموفوبيا. ففي الفصل الرابع، "جئنا حاملين الصلبان: معركة اليمين المسيحي على الأبدية"، يدرس تضليل الجماعات المسيحية اليمينية ونشرها المفاهيم المعادية للإسلام. وفي الفصل السادس، "إلى واشنطن وما وراءها: الإسلاموفوبيا بوصفها سياسات حكومية"، يشرح الكاتب كيف رعت الحكومة الأميركية تطوّر صناعة كراهية الإسلام، ثم يدرس في الفصل الأخير، "الضفة الأخرى: التأثير المميت للكراهية في أوروبا"، تأثير كراهية الإسلام الأميركية على أوروبا ويعرض حالات مختلفة للإسلاموفوبيا في أوروبا مع التركيز على هجوم أوسلو عام 2011 على يدي أندرس بهرنغ بريفيك.

تدرس المستشرقة جوسلين سيزاري مفهوم الإسلاموفوبيا في الغرب في مقارنة بين انتشار هذه الظاهرة في أوروبا والولايات المتحدة

"الإسلاموفوبيا: تحدي التعددية في القرن الحادي والعشرين"

يتكوّن الكتاب الذي حرّره كلّ من البروفسور الأميركي في جامعة جورج تاون جون إسبوزيتو، وإبراهيم كالن، أستاذ التاريخ والفلسفة والديبلوماسي التركي ورئيس المخابرات التركية لاحقا، والصادر عن منشورات جامعة أوكسفورد، نيويورك سيتي (2011)، من ثلاثة أجزاء أوّلها: السياق العام للإسلاموفوبيا، الذي يضم بحثين، الأول كراهية الإسلام وقيود التعددية الثقافية لإبراهيم كالن، حيث يرى كالن التعددية الثقافية بوصفها مفتاحا لتعزيز المجتمعات الغربية. أما في البحث الثاني فتدرس المستشرقة جوسلين سيزاري مفهوم الإسلاموفوبيا في الغرب في مقارنة بين انتشار هذه الظاهرة في أوروبا والولايات المتحدة.    

في الجزء الثاني الذي يتكون من دراسات عدى لحالات متنوعة، يدرس الباحث المغربي الهولندي أسامة شريبي الهاجس المتجدّد لكراهية الإسلام في هولندا والنمسا وألمانيا، ويدرس طاهر عباس الإسلاموفوبيا في المملكة المتحدة ويحلل الخطابات السياسية والإعلامية التاريخية والمعاصرة. كما يقدم البروفسور محمد نمر دراسة حالة أخرى حول كراهية الإسلام والنزعة المضادة للأمركة، أما البروفسور البارز شيرمان جاكسون فيحلل التأثير اللاواعي للإسلاموفوبيا على الجيل الثاني من المسلمين الأميركيين بعد أحداث 11 سبتمبر. في الجزء الثالث من الكتاب بعنوان "التجليات"، تحلّل أستاذة الدراسات الآسيوية الأميركية سنينا مايرا الإسلاموفوبيا والحرب على الإرهاب والشباب والمواطنة والنزعات المعارضة، ويدرس خوان كول كراهية الإسلام وخطاب السياسات الخارجية الأميركية في عهد بوش وما بعده، أما الدكتور أنس الشيخ علي، مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي في لندن، فيدرس خطاب الإسلاموفوبيا المتنكّر على شكل فن وأدب، ومحاربة الأسطورة من خلال التعليم التقدمي. وتدرس الباحثة كيت زبيري، الأستاذة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، المواضيع الاستشراقية في الإسلاموفوبيا البريطانية المعاصرة. وأخيرا يقدّم كل من الباحثَين بيتر غوتشوك وغابرييل غرين بيرغ فصلا غنيا بعنوان "من محمد إلى أوباما"، يدرسان فيه كراهية الإسلام في رسوم الكاريكاتور المسيئة والصور النمطية عن المسلمين.