14 يوليو 2021
ضمن جدول فعاليات "المواهب النسائية" 2020 لبلدية ميلانو، بدأ منذ غرّة أيار/ مايو لهذا العام معرض فني فوتوغرافي بعنوان "المرأة والمكسيك والحرية" للفنانة تينا مودوتّي (1942) في متحف الثقافة في ميلانو (Mudec).
ويضمّ المعرض مائة صورة فوتوغرافية، بالإضافة إلى مطبوعات صور أصلية بأملاح الفضة تعود للسبعينيات، إضافة إلى رسائل ووثائق ومقاطع فيديو، تمنح الجمهور نظرة وثيقة على الروح الحرة لهذه الفنانة التي "عاشت الشهرة والبؤس، وذابت في الفن والسياسة، وتعرضت للاضطهاد والاعتقالات، ولم تخسر نفسها وحريتها وفكرها". ويستمرّ المعرض حتى 7 تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام.
غصّت المكسيك في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي بالمنفيين والثوريين والفنانين، وكلّ مَن فرّ من وجه الفاشيات في تلك الحقبة، واحتضنت قصة حب وكفاح فريدا كاهلو ودييغو ريفييرا، الرسامين المكسيكيين الشهيرين، وتروتسكي نفسه، إضافة إلى المصوّر الأميركي إدوارد وستون رائد التصوير الصحافي، وما عرف فيما بعد بـ"التصوير الإنساني". تعرّفت الشابة الإيطالية تينا مودوتّي إلى وستون عام 1923 ثم لحقت به إلى المكسيك، وتعلّمت أسلوبه، لتتخّذ فيما بعد انطلاقاً من ميولها اليسارية ودراساتها السياسية التصوير الفوتوغرافي كشاهد على التغيّرات الاجتماعية.
ولدت مودوتّي عام 1896 في عائلة اشتراكية من الطبقة العاملة في أوديني في إيطاليا، وعملت صغيرةً في مصنع نسيج لمدة خمس سنوات، ثم التحقت بوالدها في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية. وعملت في النسيج أيضاً ومثّلت في فيلم صامت، ثم لعبت بطولة فيلمين آخرين وتركت السينما تماماً.
يتميز أسلوبها بالديناميكية والولع بالأشكال والتفاصيل، وتنبع طاقتها من الموضوعات الاجتماعية التي تركز عليها، إذ لا تخرج غالباً عن موضوعاتها المفضلة: العمال، والأطفال المعوزون، والأمهات، والفلاحون. وعملت مع رسامي الجداريات في المكسيك، وأهمهم دييغو ريفيرا، الذي فتن بشخصيتها ورسمها أكثر من مرة على جداريات مختلفة. وقد كانت مودوتّي السبب في لقائه بفريدا كاهلو، وأصبحت وصيفة العروس في زفافهما عام 1929.
حتى اليوم، لا يزال في أرشيف الدولة ملفات للشرطة الفاشية ضد مودوتي تطلق عليها اسم "الشيوعية الخطيرة" وعن الجواسيس المكسيكيين الذين كلفوهم بمراقبتها. ولكن كل هذه الأحلام المثالية تكسّرت عندما تم الاتفاق بين ستالين وهتلر، وقررت مودوتّي ترك الحزب الشيوعي.
توفيت مودوتّي عام 1942 بعد مرض مفاجئ. وكتب صديقها الشاعر بابلو نيرودا مرثية لها يحتفي بجمالها ومثاليتها وتصميمها. وشكّلت حياة هذه المرأة المتمردة والشجاعة وإحدى رواد فن التصوير الفوتوغرافي شهادة مصورة عن فترة تاريخية مأساوية، أرّختها بعدستها.
أطلقت عليها مجلة "ديلي آرت ماجازين" المهتمّة بتاريخ الفنون تسمية "المصورة التي صنعت الثورة"، ولا تزال أعمال مودوتّي اليوم تزين المتاحف العالمية من "متحف جيه بول غيتي" في لوس أنجلوس، إلى "متحف الفن الحديث" في نيويورك، إلى "المعرض الوطني للفنون" في واشنطن. واليوم في متحف الثقافة في ميلانو Mudec.